■ أسرت جيوش النبى (ص) ثمامة بن أثال سيد بنى حنيفة.. فتركه فى المسجد وعرض عليه الإسلام ثلاثة أيام.. وهو يأبى قائلاً: «إن تقتل تقتل ذا دم.. وإن تطلب المال نعطك المال الكثير».
■ فقرأ رسول الله (ص) نفسية وشهامة وإباء ثمامة الذى لا يريد أن يلين أو يخضع أو يقبل الإسلام وهو فى الأسر.. فيتصور الناس أنه فعل ذلك خوفاً.. فمنّ عليه وأطلقه الرسول (ص) دون أن يأمره أو يوصيه بشىء.. فإذا به يُسلم بعد الحرية والكرامة.
■ لقد قرأ الرسول (ص) نفوس الناس وأدرك مفاتيحها.. وتعامل مع كل نفس بما يصلحها ويسوقها إلى الخير.. ولو سجن ثمامة لعادته بنى حنيفة ولكرهت الإسلام.. فلما أكرمه كسب صداقته حتى إن لم يُسلم.. فإذا أسلم اكتسب معها دينه وإسلامه ونجاته من النار.
■ وهكذا فعل رسول الله (ص) مع أبى سفيان وعكرمة وعدى بن حاتم الذى قالت له شقيقته: «هذا الرجل إما نبى كريم أو ملك عظيم ولن تضام فى الحالتين».
■ إنه إكرام ذوى الهيئات من الناس وإنزال الناس منازلهم.. والمحافظة على كرامتهم.
■ وأنا أرى أن الدولة المصرية منذ 25 يناير وحتى اليوم تحتاج إلى قراءة وتطبيق هذه المعانى.. فقد تمت إهانة كل رموز الدولة المصرية فى عهد «مبارك».. «وأخذ العاطل على الباطل» كما يقول العوام.. وتم تعميم الأحكام وصاحبها هوس تحطيم الرموز المصرية كلها.. ثم تكرر جزء من هذا الأمر فى عهد د. مرسى مع خصوم التيار الإسلامى.
■ أما الطامة الكبرى والمصيبة العظمى فهى التى تحدث فى هذه الأيام.. فنرى النيابات والمحاكم تتسلم الإخوان دون تمييز، وتقبض فى اتجاه واحد فقط.. ولا تفرّق بين الشاب الصغير والشيخ الذى يبلغ الثمانين.. وبين السياسى والإرهابى.. وبين الذى يقول رأيه.. والذى يحمل المتفجرات.. وبين كرام الناس وسوقتهم.
■ إن حبس المرشد السابق مهدى عاكف احتياطياً وقد جاوز الثمانين لا يليق بمصر الكبيرة.. فالحبس الاحتياطى لمن يخشى هروبه.. وهذا لا يستطيع حتى التنفس.
■ إن «مبارك» الذى يصفه الجميع بالظلم والعسف كان يضع المرشد خطاً أحمر لا يتجاوزه لسنه ومكانته وحتى لا يخلق عداوات هو فى غنى عنها.
■ وكان يمكن أن نفعل ذلك مع المرشد الحالى د. بديع، خصوصاً بعد مقتل ابنه.. فلا نجمع عليه وهو فى هذه السن مصيبتين عظيمتين تستفز كل منهما آلاف الشباب.. أما الإجراءات القانونية فيمكن أن تتم وهو فى بيته باحتياطات أمنية معينة.
■ وهل يليق أن نقبض على أمثال السفير الطهطاوى.. فلا نعير سنه ولا مكانته السياسية وفضل أجداده على مصر اهتماماً.. أو أن ننشر أخباراً سخيفة عن استدعاء المستشار مكى للنيابة أو إحضاره للشهادة عنوة.. ناسين فضله وأدبه وعطاءه.. وفى مصرنا العجيبة تسمع من يطلب القبض على د. هشام قنديل من أجل أشياء اقترف أمثاله فى عصور سابقة ما هى أفظع وأشنع منها.
■ إن هؤلاء ينسون الأثر السيئ لذلك على منصب رئيس الوزراء الذى أصبح منذ الثورة عقيم القيمة ساقط القدر.. كما سقطت أشياء كثيرة فى مصر.
■ واليوم تسمع عن تحويل مستشار عظيم مثل ناجى دربالة المعروف بالنزاهة والوطنية والرجولة وعدم التحزب أو الانصياع لأحد سوى ضميره إلى لجنة الصلاحية.
■ أما محاكمة د. مرسى فهى ضارة للجميع.. وقد تشعل ثورة غضب جارفة لا مبرر لإشعالها فى وطن قارب على الاحتراق.. وقد تؤدى محاكمته إلى موجة عنف نحن فى غنى عنها فى وطن لم يعد يتحمل مزيداً من العنف والدماء.
■ يا قوم: علينا أن نستعير الحكمة من أهل اليمن الذين إذا لم يعجبهم مدرس مصرى تركوه إلى آخر العام ثم لم يستدعوه مرة أخرى مراعاة لمشاعره وأسرته وزملائه.
■ ولكننا ندمر مشاعر وأحاسيس وأقدار كل ذوى القدر منا.. كل منا يُقصى الآخر ويحطمه.. وينتقم أو يسجنه أو يفجره.
■ فهل هذا هو حصاد ثورات الربيع المصرى.. أم أن ربيعنا تحول إلى خريف على أيدينا؟!!
■ يا قوم: أكرموا كريم القوم.. وارحموا عزيز قوم ذل بينكم.. وأقيلوا ذوى الهيئات من عثراتهم.. أم أن مصر لم تسمع بعد بهذه القواعد الإسلامية الرائعة.