gaserahmed Admin
عدد المساهمات : 656 تاريخ التسجيل : 17/08/2013
| موضوع: خمسة حيل كلامية يخدعك بها الاعلام الأحد أغسطس 18, 2013 12:13 am | |
| خمسة حيل كلامية يخدعك بها الاعلام
حين يتعرض الطفل فى بداية حياته لوسائل الإعلام لا ينظر لها نظرة شك وريبة.. فالذى يراه فى التلفاز أو يسمعه فى الراديو أو يقرأه فى الجريدة يكون بالنسبة له حقائق محضة لا تقف وراءها أجندات أو تسييس أو خداع. ثم شيئاً فشيئاً عندما يكبر قد يفطن -وقد لا يفطن- إلى أن باطن الأمر ليس كظاهره، وأن وراء كل خبر وكل عنوان بل وكل كلمة تخطيطاً وهدفاً محدداً لإيصال فكرة معينة إلى عقله. ونستعرض فيما يلى بعض حيل التلاعب بالألفاظ التى يستخدمها الإعلام للتأثير على آراء المشاهدين وقناعاتهم.. 1-استخدام كلمات تشكيكية أو تأكيدية: قارن عزيزى القارىء بين هذين الخبرين: “مقتل ثلاثون أفغانياً بغارة جديدة للنيتو” و “مصادر أفغانية تقول بمقتل ثلاثون أفغانياً بغارة للنيتو”.. هل لاحظت الفارق؟ مع أن الخبرين مستندين إلى نفس الحدث إلا أنه يمكنك قراءة الأول على قناة الجزيرة مثلاً والثانى على السى إن إن. السر هو كلمة “مصادر تقول”.. فالمحطة تخبرك أن هناك من يقول الخبر وهذا يثير ريبتك تلقائياً. فأنا إن قلت لك “فلان ربح مليون جنيه” ستصلك معلومة أنه ربح مليون جنيه فعلاً.. أما إن قلت لك “فلان يقول أنه ربح مليون جنيه” فهذا كأنى عملياً أقول لك “فلان يكذب”. وأيضاً فاستخدام مصطلح “غارة جديدة” بدلاً من “غارة” يذكرك بأن هذا أمر معتاد ومتكرر وبالتالى يدفعك أكثر إلى تصديقه. 2-طرح تساؤل كبديل للخبر المزيف: من الوسائل الأكثر دهاءاً فى الصحافة هى عرض معلومة تكون الأدلة عليها محدودة على صورة تساؤل كى لا “يمسك” أحد على الجريدة شيئاً.. فيُمحى التساؤل من الذهن وما يتبقى هو المعلومة دون الخوض فى التفاصيل خاصة اذا كان القارىء يتصفح العناوين فقط. مثلاً تخيل أنك قرأت عنوان مقالة تتساءل “هل أسلم بابا الفاتيكان قبل وفاته؟”، فلو أنك قرأت العنوان فقط كما يفعل القارىء العادى لمعظم الأخبار فستنطبع فى ذهنك معلومة أن “البابا أسلم قبل وفاته” دون مراجعة الأدلة والقرائن التى قد لا تزيد عن قوله لمسلم “السلام عليكم” مثلاً. وقد يوضع أيضاً الخبر أو التحليل معكوساً بصورة نقدية مثل “هل يصلح النظام الإسلامى بعد مرور أربعة عشر قرناً على نشأته؟” فينطبع فى ذهنك أنه لا يصلح دون معرفة حُجج هذا الإدعاء وأدلته خاصة إن تكرر بصور مختلفة تؤدى إلى ثبوت “المعلومة” فى ذهنك.. ويصعب إزالتها فيما بعد إلا بنفس القدر من التكرار فى الإتجاه العكسى. 3-إبراز أو إخفاء حقائق معينة فى العنوان: لاحظ أن كل مثال من الأخبار الآتية مصدره حقيقة واحدة تم ذكرها بطريقتين -إحداهما تذكر بعض الحقائق فى العنوان والاخرى تخفيها- حسب أهداف مُقدمها. فمثلاً قارن بين خبرىّ.. -”مقتل طفل فلسطينى يرمى الحجارة بنيران جندى إسرائيلى” و”جندى إسرائيلى يقتل طفلاً فلسطينياً”.. فإضافة كلمة “يرمى الحجارة” تلتمس بعض العذر للجندى فى قتله ويمكن إضافتها أو إزالتها دون أن تُتهم الجريدة الناشرة بالتحَيُّز لأنه جزء من الحدث بالفعل. أيضاً تأمل عنوان: -”أمن الدولة تعتقل إخوانياً مريضاً بالسكر للمرة الثالثة أثناء نزوله لصلاة الفجر” والذى يمكن تعديله إلى “القبض على عنصر مشبوه تمهيداً لمحاكمته بتهمة غسيل الأموال”، وطبعاً لا أحتاج أن أوضح لك الفارق بين الانطباع الذى يتركه كل خبر رغم تحدثهما عن نفس الواقعة. هناك أيضاً مثال لخبر يتردد كثيراً يقول: -”القبض على أب بتهمة الإتجار فى البشر لتزويج ابنته القاصر لاستغلالها جنسياً” وهى صياغة تفقد الأب أى نوع من التعاطف لدى القارىء، بينما لو صيغ بطريقة “بعد بلاغ من المجلس القومى للمرأة: ليلى ذات الـ16 عاماً تبكى أباها المعتقل بتهمة تزويجها برضاها” فهنا يتضح نضج الفتاة وتَشدُّد الشرطة فى التعامل مع الزواج فضلاً عن نفوذ المجلس القومى للمرأة فى الموضوع. ولا يقتصر استخدام تلك الوسائل على السياسة فحسب بالطبع، بل تجد صدى واسعاً فى مجال التجارة والتسويق. فإن كنت أبيع منتج عادى ليس به ما يميزه عن غيره -لبن مثلاً- فعلىّ أن ألجأ لتعديد مزاياه حتى وإن كانت ملازمة له بالضرورة، فقد أقول مثلاً أنه “حليب طبيعى 100%” (علماً بأنه لا يوجد بقرة صناعية مثلاً) أو أنه “خالى من المواد الحافظة” (دون توضيح أن مدة صلاحيته صارت أسبوعين فقط نتيجة لذلك) أو أنه “مفيد للصحة” (وهى خاصية ملازمة لجميع أنواع الألبان وليست حكراً على منتجى الخاص) لكى يقتنع المستهلك بشرائه بثمن أعلى مما لو كنت كتبت عليه مجرد “لبن بقرى”. بل وفى كلامنا الدارج لو أن هناك موظفاً كسولاً فستجده يقول “أنا أنجز عدد قليل من المهمات لأنى أؤديها بإتقان”، فى محاولة لجعل عنصر التقييم هو “مدى الإتقان” (المفترض أنه أمر مفروغ منه) بدلاً من “عدد المهام المنجزة”. وعادة ما تنجح تلك الطرق التى تُبرز حقيقة معينة وتُخفى الحقائق الأخرى فى إقناع الآخرين أو على الأقل زحزحة قناعاتهم إن لم ينتبهوا لها. 4-المقارنة بوضع أفضل أو أسوأ: يمكن الوصول لنفس النتيجة بطريقة أكثر مكراً وهى مقارنة الخبر بوضع أفضل أو أسوأ حسب أهداف مُقدمه.. مثلاً قارن بين هذين العنوانين: -”لم يتحسن الوضع الإقتصادى فى أمريكا منذ عام” أو “لم يتدهور الوضع الإقتصادى فى أمريكا منذ عام”. فعلى الرغم من أن الحقيقة واحدة (وهى أن الوضع لم يتغير) فالذين يريدون ترويج فكرة ضعف الإقتصاد الأمريكى سيَعرضون الخبر بالطريقة الأولى والعكس بالنسبة للثانية. مثال آخر.. -”رفضت أمريكا زيادة المعونة لمصر” يعطيك انطباعاً معاكساً تماماً لـ”رفضت أمريكا تقليل المعونة لمصر” رغم أن الحقيقة ببساطة أنها قررت الإبقاء على المعونة كما هى دون زيادة أو نقصان -”أمريكا ساندت دولة مصر الفقيرة” تعنى أن أمريكا طيبة.. أما “أمريكا ساندت نظام مبارك المستبد” تعنى أن أمريكا شريرة -”قَوِىَ الدولار أمام اليورو” يعطيك انطباع أن أمريكا أصبحت فى وضع أفضل، أما “ضعف اليورو أمام الدولار” يعنى أن أوربا صارت فى حالة يرثى لها -”الوزير الجديد لم يقضى على الرشوة رغم توليه الوزارة منذ قرابة عام” يعطيك انطباع أنه فاشل ولا يصلح، على العكس من “الوزير الجديد قضى على نصف معدلات الرشوة فى أقل من عام”، رغم استناد الخبرين لنفس الحقائق والإحصائيات -”هذا التقرير تم كتابة معظمه فى التسعينيات” يعطيك انطباعاً أنه قديم ولا يمكن الاعتماد عليه، لكن “هذا التقرير تم تحديثه منذ أسبوع” يعطيك انطباع أنه جديد يضوى.. وفى الحقيقة فهو تم كتابة معظمه فى التسعينات لكن أيضاً تم تحديث بعضه منذ أسبوع -”بالصور.. متظاهرون يسحلون مواطنا أمام السفارة الأمريكية” يعنى أن المتظاهرون فوضويون ودموين.. أما “بالصور.. مجهولون يسحلون مواطنا أمام السفارة الأمريكية” فلا يعنى أى شىء، رغم أنه فى الحقيقة من قام بالسحل هم متظاهرون مجهولون -”مصر في المركز 22 ضمن أفضل 50 مقصد سياحي بالعالم” يعنى أننا دولة متوسطة فى الجذب السياحى، أما “مصر فى المركز الـ22 ضمن أفضل 100 مقصد سياحي فى العالم” فهذا يعنى أننا نقترب من القمة، والعكس طبعاً لو قيل أننا رقم 22 ضمن أفضل 25 -”أصابت قواتنا الجوية 95% من أهداف العدو” يعنى أن قواتنا الجوية لا مثيل لها فى المهارة والإتقان .. أما “لم تصب قواتهم الجوية جميع الأهداف المطلوبة” فيعنى أنها ضعيفة وفاشلة -”أمريكا تتفاوض مع طالبان” يعنى أن أمريكا مهزومة وتقبّل يد طالبان لتتركها تنسحب، أما “طالبان تتفاوض مع أمريكا” يعنى أن طالبان تيقنت من استحالة النصر وتخلت عن المقاومة -”إسرائيل تطالب مصر بكذا”.. يا بجاحتهم يا أخى بعينهم، لكن “إسرائيل تلتمس كذا من مصر”.. شوف الذوق والأدب -”قتَل الجيش المصرى 60 إرهابياً فى سيناء” إذاً الجيش بطل يحافظ على الأمن، أما “قتل الجيش المصرى 60 مواطناً فى سيناء دون محاكمة” إذاً الجيش يعيث فى الأرض فساداً ويضرب بالقانون عرض الحائط ومن المواقف التى أظهرت عبقرية الزعيم النازى هتلر الخطابية كان استخدامه لكلمة “تضحية” بدلاً من كلمة “إنسحاب” ليشرح لشعبه خسارته معركة ستالن جراد. فهو لم ينسحب لا، بل آثر التضحية بالمدينة الروسية لتجنب مقتل المزيد من رجاله.. وهكذا تحولت الهزيمة إلى رحمة وأبوية! والآن يا عزيزى القارىء حاول فتح أى جريدة أو محطة إخبارية وتأمل بعض العناوين الرئيسية.. فستجد أمثلة شبيهة كان من الممكن صياغتها بأسلوب مغاير تماماً دون اللجوء للكذب الصريح. 5-إعلاء شأن أو تلطيخ سمعة فئة عن طريق الإقتران: يمكن أيضاً استهداف فئات معينة بعنوان الخبر عن طريق نسْب الخير أو الشر إليها وهذا نراه كثيراً جداً فى وسائل الإعلام. مثلاً خبر “ضبط ابن إمام مسجد فى قضية دعارة” تعنى أن أئمة المساجد منافقين ولا يربون أبناءهم، بينما خبر “ضبط مدرس فى قضية دعارة” تعنى أن المدرسين فاسدين لا يصلحون لتربية الأطفال.. لكن الذى حدث هو القبض على مدرس أبوه إمام مسجد، وحسب أهداف الجريدة أو المحطة التى تنشر الخبر تتم صياغته لقرن الرجل بالفئة المستهدفة سواءً كانت الأئمة أو المدرسين أو حتى الحزب السياسى الذى ينتمى إليه المتهم كـ”القبض على متعاطف مع معتصمى رابعة فى قضية دعارة”! خذ عندك أيضاً خبر “سيدة منتقبة تنصب على صديقتها السافرة”، ستجده مختلف تماماً عن خبر “سيدة من الزمالك تنصُب على صديقتها ساكنة بولاق”.. الأول يعنى أن المتدينين لصوص (ستنشره صحيفة علمانية) أما الثانى فيعنى أن الأغنياء لصوص (ستنشره صحيفة يسارية)..و طبعاً لو أن هناك صحيفة علمانية يسارية فستنشر “سيدة منتقبة من الزمالك تنصب على صاحبتها السافرة ساكنة بولاق”! كذا فإن ذكرت خبر “تفجير مسجد فى العراق” تتجه أصابع الاتهام إلى الأمريكان بعكس ما اذا حددت هوية المسجد وقلت “تفجير مسجد سنى فى العراق”، فطبعاً كلمة سنى ستجعل القارىء يتأكد -حتى إن لم تقل الجريدة أو المحطة ذلك صراحة- أن من قام بالتفجير لا يمكن أن يكون إلا الشيعة. كذلك لو قلت “أمريكا تقرر الإبقاء على معتقل جوانتمو” فمعناه أن امريكا بلد مجرمة ولا تعير حقوق الإنسان اى إهتمام، بينما لو قلت “أوباما يقرر الإبقاء على معتقل جوانتمو” فالعار يلصق بأوباما بعيداً عن أمريكا. والعكس أيضاً صحيح فى حالة إعلاء شأن فئة معينة، فخبر “تبرُّع سعودى بمليون جنيه للأيتام” يختلف كثيراً عن خبر “تبرع عربى ملتحى بمليون جنيه للأيتام” وهما يختلفان عن خبر “تبرع أحد أفراد عائلة كذا بمليون جنيه للأيتام”، فكل زاوية تؤثر فى القارىء ليحترم ويقدِّر الطائفة التى نَسب المتبرع إليها. وأحياناً يكفى وضع صورة معينة للنمط الذى نريد تشجيعه (وجه ملتحى، أو وجه يرتدى غطرة وعقال) أو وضْع اسم مميز (الأستاذ جرجس بطرس) مع الخبر لإحداث الأثر المطلوب. وكتدريب عملى فى زاوية تقديم الخبر حاول الآن قراءة بضعة أخبار من أى جريدة أو محطة وستجد واحداً على الأقل ينسب خيراً أو شراً لفئةٍ ما دون أن تكون هذه الفئة متسببة بطريقة مباشرة فى هذا الخير أو الشر. للأسف.. لا نستطيع اليوم هجر وسائل الإعلام والإنقطاع عن الدنيا، ولذا فلا يكتمل المقال دون اقتراح عملي لمقاومة تلك الحيل. والحقيقة أن محاولة الإنتباه الدائم لها وإن كانت ذات تأثير ملحوظ فى تخفيف حدتها (لمسْته بنفسى وستلمسه أنت أيضاً من الآن فصاعداً) إلا أنه يبقى محدوداً.. فكيف ستنتبه لحقيقة لم يتم ذكرها فى الخبر أصلاً؟ وكيف ستنتبه لمدى مصداقية “قالت مصادر” بينما قد تكون تلك المصادر حقيقية أو ملفقة؟ لحل تلك المعضلة صرت شخصياً أتابع عدداً كبيراً من مصادر الأخبار مختلفة التوجهات.. فمنها الإسلامى والعلمانى ومنها اللبرالى واليسارى ومنها العربى والغربى، والنتيجة أنى عادة ما أطمئن حين وصولى لقناعةٍ ما أنها جاءت عن عِلم وتفحص لجميع وجهات النظر وليس عن طمس حقائق ومحاولة ترويج أجندة بعينها بتكرارها مراراً على أذنى.. واقتراحى للقارىء أن يقوم بالمثل كى لا يقع عقله فريسة لأفخاخ الإعلام. | |
|