بشير نافع: الانقلاب العسكري نسف النظام الديمقراطي .. والحل في النموذج التركي
قال الدكتور بشير موسى نافع- الكاتب والمفكر السياسي، إن المشكلة المصرية التي أدت إلي انقلاب الجيش على أول رئيس مدني منتخب إنما ترجع إلي طبيعة العقيدة المترسخة في جذور الدولة المصرية، والتي لم ينبني الحكم فيها في يوم من الأيام إلا علي نظام ديكتاتوري، يعصف بالمعارضين حتي تستقر له الأوضاع وحده دون سواه.
وأضاف نافع في مقاله أمس بجريدة القدس العربي اللندنية تحت عنوان " لماذا يجب أن تتحول مصر إلي النظام البرلماني؟"، موضحاً أن الدولة المصرية أقدم دول المشرق العربي الحديثة وأعمقها جذوراً، لم تستقبل الرئيس محمد مرسي بترحاب خلال العام الأول من رئاسته، فكان على مرسي أن يواجه أوضاعاً أمنية قلقة، أزمة اقتصادية مالية، ومحيطاً إقليمياً غير مستقر.
وأشار إلى أن مشكلة الرئيس مرسي الكبرى أن جهاز الدولة، أداة الرئيس وحكومته المفترضة لإمضاء السياسات ومواجهة التحديات، لم يكن يستجيب كما ينبغي لمطالب الرئيس وحكومته؛ وأصبحت مهمة الرئيس الأولى، من ثم، محاولة إصلاح جهاز الدولة وإعادة بنائه. ولكن هذه المهمة لم تنجز أبداً، وانتهت بإطاحة الرئيس وتقويض أسس النظام الدستوري المنتخب.
وأوضح في مقاله أن نظرت الدولة إلى مرسي باعتباره غريباً عليها، وبالرغم من أنه حاز موقعه في انتخابات حرة وشفافة، غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية، لم تكن الشرعية الانتخابية كافية لأن تخضع الدولة لإرادته، تطيع أوامره، وتسلس له قيادها، فهذا ابن حركة الإخوان المسلمين، الحركة التي طاردتها الدولة المصرية طوال عقود، ووضعتها في موضع العدو والخصم ومصدر التهديد".
وبعد استعراضه لعلاقة موقع الرئاسة بالنمط الديكتاتوري في الحكم والسلطة منذ نشأته وحتي عهد الرئيس المخلوع مبارك، اقترح نافع أن تقتدي مصر لحل تلك الأزمة بالدول المناظرة لها في المشكلات، مثل تركيا، بحيث تخلع عباءة التقديس والتسلط من كرسي الحكم، وتتحول بالحكم إلي البرلمان، فقال:" الرئيس، بسلطاته الواسعة، وتصور الشعب لموقع الرئاسة باعتباره تجسيد الدولة المطلق، جعل المنصب لعنة مستديمة على الجمهورية، على استقرارها، وربما حتى على بقائها. ولذا، فإن كان ثمة مخرج من لعنة رئاسة الجمهورية، فلابد أن يكون في تغيير جوهري وجذري في نظام الحكم؛ بمعنى تحويل الجمهورية المصرية إلى جمهورية برلمانية، بتجريد الرئاسة من السلطات التنفيذية وتحويلها إلى منصب سياسي رمزي، وإلى حكم مرجعي بين سلطات الدولة وأذرعها، لافتاً إلى أنه ربما يكون النظام السياسي التركي هو الأقرب لمثل هذا التصور".
واستبعد- البشير- أن يتم ذلك في العهد الانقلابي، ولا في ظل لجانه المعينة لتعديل الدستور:" بيد أن مثل هذه النقلة في نظام الجمهورية السياسي لا يمكن إنجازها، لا بلجنة العشرة من الخبراء، التي أنهت بالفعل عملها، ولا لجنة الخمسين، التي توشك أن تبدأ. مثل هذه النقلة تنجز فقط بتوافق وطني، لا يمكن تحققه في ظل المناخ الإقصائي الذي تعيشه البلاد اليوم".