الشرق الأوسط:«السيسى» يتصدر الترشح لرئاسة مصر.. المواطنون يرونه قائداً ملهماً ويشبهونه بــ"عبد الناصر"..وصوره على واجهات أحياء أيدت الإخوان سابقاً.. وموسى: لو ترشح سيفوز.. ومصدر عسكرى: لايفكر فى الأمر
صورة بالقبعة العسكرية للفريق أول عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع، معلقة على واجهة دكان بقالة خلف برج القانونيين السكنى بكورنيش النيل فى ضاحية المعادى بالعاصمة المصرية القاهرة، كتب تحت الصورة الملونة بخط أحمر «تحيا مصر»، هى أكبر تعبير عن الحب الجارف الذى يحظى به الفريق عبدالفتاح السيسى فى أوساط المصريين.
وأضافت صحيفة الشرق الأوسط، تدور التكهنات فى الوقت الحالى حول فرص ترشح السيسى لموقع رئيس الدولة فى الانتخابات الرئاسية التى ستجرى مطلع العام المقبل، رغم أن السيسى نفسه نفى أكثر من مرة رغبته فى الحكم، مكتفياً بدوره قائداً للجيش فى حفظ الأمن القومى للبلاد.
ويربط ملايين المصريين بين المرحلة الجديدة التى تمر بها مصر والتى تتسم بقدر كبير من الحزم، ومرحلة حكم الرئيس السابق محمد مرسى التى استمرت سنة، وينظر إليها كثير من المواطنين باعتبارها «مرحلة هشة» غلبت فيها مصالح جماعة «الإخوان» التى ينتمى إليها مرسى على مصالح غالبية الشعب.
وفى الشوارع الضيقة خلف برج القانونيين الراقى، تمتد صفوف من العمارات والدكاكين والمقاهى، وتسمع خلال المشى فى هذه المنطقة، التى أعطت أصواتها لـ«الإخوان» فى خمسة استحقاقات انتخابية خلال العامين الماضيين، أغنية «تسلم الأيادى»، أشهر الأغانى الشعبية المؤيدة للخطوات التى اتخذها الجيش والتى تضمنت الإطاحة بمرسى وإبعاد جماعة «الإخوان» عن الحكم.
ويضع كثير من أصحاب المحال التجارية والمقاهى والحافلات صور السيسى باعتباره القائد الأول فى مصر، وإمتداد للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وما زالت المناقشات السياسية الصاخبة التى فجرتها ثورات الربيع العربى تدور فى شوارع القاهرة وفى المقاهى والمنتديات. ومن أبرز الأسئلة الموجودة الآن: هل سيترشح السيسى للرئاسة؟
ويقول محمد الحسينى، صاحب دكان البقالة الكائن خلف برج القانونيين، «نحن مع السيسى ونريده رئيسا لنا.. هو الأصلح». ويتحدث كثير من السياسيين باللهجة نفسها تقريبا، فيما عدا تيار الإسلام السياسى، وفى القلب منه جماعة «الإخوان».
وفى بلد يبحث عن مستقبل آمن اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، يلاحق المواطنون القنوات التليفزيونية والصحف والمواقع الإلكترونية التى تتناول كل ما يتعلق ببلدهم البالغ عدد سكانه نحو 85 مليون نسمة، بينما تعرض معظم قنوات التليفزيون الحكومية والخاصة لقطات تحتفى فيها بالجيش والسيسى، الذى يتميز بالحسم وقلة الكلام وقلة الظهور منذ كان قائدا للمخابرات الحربية فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، القادم من الجيش.
وتولى قادة ذوو خلفيات عسكرية الحكم منذ عام 1952، فيما عدا السنة التى حكم فيها مرسى وانتهت فى الثالث من يوليو الماضى بسبب السخط الشعبى، وترك مرسى الدولة منقسمة على نفسها سياسياً ويتهددها خطر تنامى الإرهاب خاصة فى سيناء.
وفى أحد المقاهى على بعد خطوات من بقالة الحسينى، كانت الأصوات ترتفع أمام ثلاث شاشات تليفزيونية، تعليقاً على ردود المنافس السابق لمرسى فى الانتخابات الرئاسية الماضية، الفريق أحمد شفيق. وكان شفيق يتحدث فى حوار معه على قناة «دريم 2» عن انتخابات الرئاسة المقبلة. وقال الرجل الذى كان فى السابق قائدا للقوات الجوية، وآخر رئيس وزراء عينه مبارك قبل تنحيه فى 2011، إنه لن يخوض الانتخابات مجددا إذا ترشح فيها السيسى.
ومنذ الإطاحة بمرسى بدا السيسى بخطاباته الهادئة والحازمة فى الوقت نفسه، كشخصية قيادية ملهمة، مما دفع جماعة الإخوان لاتهامه بالسعى لإعادة الجيش للسلطة بعد عزله «أول رئيس مدنى منتخب» قبل شهرين. لكن السيسى نأى بنفسه عن الظهور فى فعاليات المرحلة الانتقالية التى تقودها حكومة مدنية ورئيس مدنى مؤقت. وتقود الحكومة حملة ضد القيادات العليا والوسطى فى جماعة «الإخوان» بتهم من بينها التحريض على العنف و«الإرهاب» أو المشاركة فيه، بالتزامن مع حملة يقودها الجيش والشرطة ضد معاقل لمتشددين فى سيناء.
وقال مصدر عسكرى قريب من الفريق أول السيسي: «إن الرجل لا أعتقد أنه يفكر فى هذا الأمر.. مسألة القيادة متحققة بالفعل، لأنه تدخل فى الوقت المناسب واستجاب لرغبة ملايين المصريين (فى التخلص من حكم مرسي)، وهذا يغنيه عن أى شيء آخر»، وأضاف: «ما يهمه فى المرحلة الحالية هو أن تعبر مصر من عنق الزجاجة، ويتحقق الاستقرار ويأمن المصريون على أنفسهم ومستقبلهم».
وأوضح قيادى سابق فى البرلمان كان عضوا فى لجنة «الدفاع والأمن القومى والتعبئة القومية» فى البرلمان السابق، إن الجيش «لا يهمه أن يكون لاعبا فى العملية السياسية، ولا يعنيه أن يكون موجودا بشكل مباشر على رأس السلطة، ولكن يهمه أن يكون حارسا للدولة وأمنها القومى».
وأضاف القيادى البرلمانى السابق، طالبا عدم ذكر اسمه، إنه خلال وضع الدستور الجديد فى عهد مرسى العام الماضي، كانت للجيش مطالب وافق عليها واضعو الدستور حينذاك، منها الحفاظ عليه كمؤسسة مستقلة، بما فيها الجانب الاقتصادي.. «أعتقد أنه، رغم العاصفة التى أثارها المشرعون الإسلاميون أيام مرسى، بشأن ميزانية الجيش وغيرها من الأمور التى تخص هذه المؤسسة الكبيرة، فإنه حافظ على كيانه كما كان عليه الأمر منذ عقود، وبالتالى لا أظن أن مسألة السلطة تعنيه، وأشك فى ترشح السيسى للرئاسة».
«وما العمل إذا لم يترشح السيسى؟»، هكذا يطرح بعض الساهرين فى المقهى السؤال، ويجيب عنه أحدهم إجابة جاهزة، «نخرج فى مظاهرات تطالب بترشحه!». ويتفنن المصريون فى وضع صور السيسى بملابسه العسكرية على لوحات فيها صور لرؤساء قادمين من الجيش، منذ منتصف القرن الماضى، وفى الأساس محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات، باعتبار أن لهم مواقف فارقة فى تاريخ بلادهم. وقال المرشح السابق للرئاسة حمدين صباحى، وهو سياسى ناصرى قومى، إن السيسى إذا ترشح للرئاسة «سيفوز».
ويريد المصريون رئيسا «حاسما باترا قادرا على اتخاذ القرار الحازم مهما كانت فعاليته السياسية»، كما أكد ذلك المرشح السابق للرئاسة، عمرو موسي، فى تصريحات صحفية له وأضاف «على ألا يتعارض ذلكمع الدستور، فالمزاج المصرى الآن أصبح غاضبا خائفا من الفوضى والإرهاب»، مشيرا إلى أنه «يتبادر إلى الذهن المصرى مباشرة أن المطلب رئيس عسكرى وقد يكون هناك مدنى يفهم ذلك ويقدر عليه، والفريق السيسى فى لحظتنا تلك هو أكثر الناس شعبية فى مصر، وإذا ترشح فسيفوز باكتساح، وذلك طبقا للوضع الحالى واللحظة الراهنة».