يمتلك الاقتصادى المصرى حسب هشام عكاشة رئيس البنك الاهلى المصرى اكبر البنوك العاملة فى السوق مقومات تساعده فى عبور المرحلة الحالية، واستعادة معدلات النمو ،وتحسين تصنيفه الائتمانى المتراجع على مدار الفترة الماضية، فى ظل وجود جهاز مصرفى قوى ساعد على تخطى الازمات التى مر بها الاقتصاد منذ 2008 وحتى الان.
عكاشة الذى تولى مهام منصبه الاسبوع الماضى قال لـ«الشروق» إن مصرفه يخطط لزيادة الارباح فى العام المالى 2013/ 2014 بمعدل نمو يتراوح ما بين 10 إلى 15% عن العام المالى المنتهى فى يونيو الماضى، والتى تشير ارقامه التى تراجع فى الاجهزة الرقابية فى الوقت الحالى الى نحو 3 مليارات جنيه . وينتظر الاهلى المصرى اعتماد الجهاز المركزى للمحاسبات لها قبل أن يعلنها بشكل نهائى.
واكد عكاشة على قدرة مصرفه على تحمل تمويل المشروعات الكبرى داخل السوق المصرى سواء بالعملة المحلية أو الاجنبية، مؤكدا وجود فائض لدى مصرفه من العملة الاجنبية يزيد على المعايير المطلوبة « تمويل الاهلى للمشروعات الكبرى دور قديم وأصيل لم يتأخر الاهلى طوال تاريخه عنه، كما انه يمتلك سيولة من العملة الاجنبية تزيد على المعايير المحددة، وهو ما يجعل لديه القدرة على سداد اية احتياجات» تبعا لعكاشة.
كان البنك الأهلى قد نفذ قبل ثلاثة اسابيع تمويلا بقيمة 96 مليون يورو لمشروع شركة سيماف لاستيراد 212 عربة سكة حديد بالمشاركة مع بنك مصر، والتجارى الدولى، والشركة المصرفية العربية، والمصرى الخليجى» ويستعد لتوفير تمويل بمشاركة ثلاثة بنوك يزيد على 400 مليون دولار لصالح شركة « كيما» بأسوان.
تمويل المشروعات الكبرى
«البنوك لم تتوقف عن المشاركة فى المشروعات القومية الكبرى ولكن الدولة لم تعرض بشكل كبير مثل هذه النوعية من المشروعات فى الفترة الماضية، ونأمل فى الفترة المقبلة، أن تعود وتيرة الاستثمار لسابق عهدها، وأن تتاح المزيد من الفرص التمويلية والقروض المسوقة بين البنوك، والتوسع فى الإقراض» قال عكاشة.
واكد عكاشة أن الخوف من وجود حالات تعثر تترتب على التمويل فى الوقت الحالى ، لا تعنى وجود ايد مرتعشة فى ادارات التمويل فى البنوك، فنجاح البنوك فى السنوات الاخيرة فى تدبير مخصصات كافية، ووجود ادارات محترفة فى المخاطر والاستعلام والتمويل جعل نسب التعثر أقل بكثير من المعمول بها فى السنوات التى سبقت عملية الاصلاح المصرفى، وان كان قطاع مثل السياحة به حالات تعثر الان فإنها مؤقتة لصناعة كبيرة داخل محفظة الاقتصاد المصرى ،حيث يتوافر لديه الاساسيات القوية والبنية الاساسية من العمالة المدربة والمنشآت الضخمة والايدى العاملة وتحريك صناعات اخرى مرتبطة بها. « البنوك تساند كل العملاء الجادين ومبادرات البنك المركزى والبنوك تؤكد صحة ذلك التوجه»
الثقة بين العملاء والبنوك
ويؤكد عكاشة على اهمية مواصلة الثقة بين العملاء والبنوك، خاصة وان الجهاز المصرفى المصرى تمتع طوال السنوات العشر الاخيرة بالقوة والصلابة التى حمت الاقتصاد الوطنى من ازمات ومخاطر دولية ومحلية. قدرة الجهاز المصرفى جعل مصر تتخطى الازمة المالية فى 2008وما تلاها من ازمات وصولا الى ثورة 25 يناير وحتى الان، قال عكاشة.
ويشير عكاشة إلى أن دور الجهاز المصرفى والبنوك يقتصر على العمل المهنى فقط ولا علاقة له بالسياسة فهو عمل احترافى، يراعى فقط المصلحة الوطنية وحقوق العملاء والمودعين.
وحول تأثير الاحداث الراهنة من اضطرابات وغلق البنك لنحو 28 فرعا على خلفية فض اعتصام انصار الرئيس المعزول محمد مرسى الاسبوع الماضى، قال عكاشة انه على مدار العامين ونصف الماضيين، تجاوز البنك العديد من التحديات فى بعض المناطق نتيجة الأحداث التى مرت بها مصر خلال تلك الفترة، وهو ما مثل اختبارات وتدريبات على مختلف ظروف العمل، ووضع خطط للعمل من خلال مواقع بديلة، وهو جزء من سياسة البنك»، مؤكدًا أنه تم تحديث ورفع مستويات تأمين بيانات العملاء، ووضع أساليب ميكنة مركزية لتشغيل الفروع، مما يؤكد أن الأوضاع التأمينية فى الوقت الحالى أفضل مما كان فى يناير 2011 نتيجة خبرات العمل تحت ظروف الطوارئ التى اكتسبها البنك.
وأضاف «عكاشة»، إن البنك يتخذ إجراءات تحوط طبيعية، فى أوقات أحداث التظاهرات والاحتجاجات، مؤكدًا أن تطورات الأحداث هى التى تدفع مديرى الفروع لاتخاذ إجراءات تصل إلى حد إغلاق الفرع، مضيفًا «تغذية ماكينات الصراف الآلى بـ«الكاش»، تتم بصفة دورية، وهى تخضع لعمليات مراقبة عن طريق الكاميرات، ومتابعة دقيقة لحركة النقدية»، لافتًا إلى أنه خلال السنوات الـ4 الماضية تم تحديث نظم كاميرات المراقبة وزيادة السعة التخزينية لها لزيادة مدة التسجيل.
واكد رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، إنه طبقًا لتعليمات البنك المركزى المصرى، فإنه حال حدوث تهديد أمنى لفرع البنك فإن مدير الفرع لديه السلطة لاتخاذ إجراءات كفيلة للحفاظ على سلامة العملاء والمواطنين، والتى تصل حتى إغلاق الفرع، وإبلاغ المقر الرئيسى للبنك، ثم يقوم البنك بدوره بإبلاغ البنك المركزى بإغلاق الفرع، وذلك حفاظًا على أمن العملاء والموظفين.
إدارة الاموال
وكشف عكاشة لـ«الشروق» عن امتلاك مصرفه اكبر البنوك العاملة فى السوق ثلاثة اماكن تابعة لادارة الاموال فى البنك يتسنى من خلالها تحريك اموال البنك بشكل سريع يضمن تنفيذ التزامات البنك المحلية والدولية والعمل بشكل احترافى فى اصعب الظروف.
وقد أرجأ البنك الأهلى المصرى أكبر البنوك العاملة فى السوق حسب رئيسه خطة توسعه فى الخارج خلال الفترة المقبلة، مع التركيز ودعم السوق المحلية فى ظل المتغيرات التى حدثت فى العامين الماضيين وقال عكاشة فى حواره مع «الشروق» إن خطة البنك كانت تستهدف التواجد فى عدد من الأسواق العربية مثل السوق الليبية والسعودية وبعض البلدان الأخرى التى يدفع التواجد بها حركة الاقتصاد والتجارة المصرية، لكن مشاكل السوق المحلية أرجأت تلك الخطوة.
وأكد عكاشة الذى نجح مصرفه فى التواجد فى السوق السودانية بعد 60 عاما من الغياب عنها، أن البنك المملوكة له فى الخرطوم سوف يحقق أرقاما جيدة خلال ميزانيته الأولى التى تصل إلى 18شهرا والتى تنتهى فى ديسمبر.
ويقدر حجم الاستثمارات التى يعتزم الأهلى المصرى ضخها فى السودان بنحو 500 مليون دولار، خلال ثلاث سنوات، ويصل رأسمال الأهلى المدفوع فى الخرطوم 50 مليون دولار.
ويمتلك الاهلى فروعا فى نيويورك وشنغهاى،, ومكاتب تمثيل فى جنوب أفريقيا ودبى، ومؤسسات تابعة فى السودان وإنجلترا.
«هذه الفروع ستعمل كالمعتاد وسنتابع نموها وتقدمها، ولكننا سنؤجل أى استثمار فى فتح فروع إضافية والتوسع فى دول أخرى فى الخارج حتى نحشد كل طاقاتنا الاستثمارية للداخل للمرور من الفترة الانتقالية الحالية، وجزءا كبيرا من إرجاء خطة التوسع يتعلق بالاشتراطات من قبل الدول، حيث يقصر معظمها التواجد على الاستحواذ وهو أمر شديد الصعوبة فى ظل احتياج مالى كبير لتنفيذ تلك العمليات، مع الوضع فى الاعتبار الموقف المحلى وما يحتاجه السوق من مساندة مالية. البنوك تحملت الجزء الأكبر منها خلال السنوات الماضية، تبعا لعكاشة.
خطة الاهلى
وعن خطة البنك الاهلى المصرى خلال العام المالى الحالى قال عكاشة إن الاصلا ح الكبير فى الاهلى المصرى فى السنوات الخمس الماضية، والذى انعكس على مجمل اعمال البنك، هو ما نعمل على استمراره، مؤكدا على أن خطة البنك تستهدف التركيز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بهدف إشراكها فى الاقتصاد الرسمى للدولة، وزيادة مساهمتها فى نمو الناتج القومى الإجمالى للبلاد، وفرص العمالة المرتفعة بها، مؤكدا إن حجم المحفظة المخصصة لها بالبنك تبلغ حاليا 9 مليارات جنيه.
ويخطط اكبر بنك فى السوق تبعا لرئيسه لاضافة مابين 3.5 الى 4 مليارات دولار لتلك المحفظة خلال العام الحالى، موضحا أن البنك الأهلى يمنح 1800 قرض جديد لهذا القطاع شهريا، مضيفا أن البنك يعمل أيضا على تنويع منتجات التجزئة المصرفية لعملاء البنك، وتقديم منتجات خدمية مبتكرة، وندرس طرح منتجات جديدة فى هذا القطاع خلال الفترة القادمة.
« البعد عن التركز لمحفظة المنح والتمويل ،وتوظيف اكبر واسرع مع مساعدة الاقتصاد على الدوران بشكل اسرع وراء التركيز فى المرحلة الحالية على ذلك النوع من التمويل والتوظيف»، عكاشه مفسرا توجه مصرفه خلال العام الحالى مع التأكيد على عدم ترك اية فرصة تمويل كبرى فى السوق.
وعن تصوره لملف المصالحات مع رجال الأعمال قال «عكاشة»: إن «مخاوف المستثمرين تأتى من عدم وضوح الرؤية المستقبلية، وأيضا شكل سياسة الدولة، من حيث الضرائب وطبيعة النظام الاقتصادى، وأن التخبط فى تلك القرارات يدفع المستثمر للقلق، وفى حالة البنوك، فإن تعثر العميل نتيجة ظروف خارجة عن إرادته يدفع البنك إلى مساندته، ولكن عند مخالفته القانون يتم التعامل معه وفقا للإجراءات القانونية المتبعة، مضيفا أن مبدأ المصالحة معمول به فى عدة قطاعات مثل الضرائب والجمارك ومخالفات المبانى».
ويرفض عكاشة مصطلح المصالحة الذى تم الترويج له كثيرا, فالمصالحة لطرف خرق القانون, ولكن ما تم من ملاحقات بهدف تصفية الحسابات مرفوض. أنا مع محاسبة أى رجل أعمال استغل منصبه, وأن يكون القانون على الجميع, ومعظم رجال الأعمال فى مصر مستثمرين شرفاء يرغبون فقط فى الاستثمار والعمل ودورهم حيوى ومطلوب. علينا أن ننتبه جميعا للمستقبل, وهذا أجدى من فتح الملفات القديمة والتفتيش فى الضمائر.
«أنا مع المصالحة بشكل عام، عندما لا يشوبها أى ضرر قانونى أو تعد على المال العام، ولا ضرر من إجرائها، ولا بد من تدرج الغرامات والعقاب على أساس حجم الجرم والمخالفة، وبعض رجال الأعمال لم يخالف القانون عند اتباعه النصوص والقواعد الموجودة فى حقب زمنية ماضية، والمصالحة ليست عيبا، ولكن لا بد من تقييم كل حالة والتعامل معها، ويتعين مراجعة الأسس القانونية التى كانت متبعة، ومعالجة التشوهات القائمة بها التى سمحت بمثل هذه الممارسات».